المجله الفلكيه ...علم الفلك
[align=center]
ما هو علم الفلك
هو العلم الذي يهتم بدراسة الكون المحيط بنا ، كما أنه يهتم بدراسة الأرض
كواحدة من الكواكب ، غير أنه لا يختص بدراسة الطقس حيث أنها مهمة علم الأرصاد
الجوية ، ولكنه يدرس طبقات الغلاف الجوي لفهم الحياة على الأرض ومقارنتها بالكواكب
الأخرى . كما أنه يقوم بدراسة الأجرام السماوية والنجوم والمجرات ومادة ما بين
النجوم وذلك من حيث تركيبها وحركتها وأبعادها وكل ما يهمنا من معلومات (إذن فهو علم
دراسة المادة في الكون) .
إن من أشرف العلوم منزلة وأحسنها حلية وأعقلها بالقلب وألمعها
بالنفوس وأشدها تجديدا للفكر والنظر وتزكية للفهم ورياضة للعقل بعد العلم بما لا
يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته (علم صناعة النجوم) (البتاني ولد سنة 235
هجرية) .
الفلك في الحضارات المختلفة
يعتبر علم الفلك من أقدم العلوم التي عرفها الإنسان ، ففي عدم وجود التلوث
الناتج عن الإضاءة الصناعية ، كان الليل مظلما لا يضيئه إلا القمر وتلألؤ النجوم ،
وكان الإنسان يحدد طريقه في الليل عن طريق النجوم . والتاريخ ذكر أن قدماء المصريين
كانوا على دراية كبيرة بالفلك ، وقد استخدموه في بناء المعابد والأهرامات وقياس طول
العام الذي بواسطته يتم تحديد فيضان النيل . أما حضارات بابل وآشور فإنها كانت غنية
بمعلوماتها الفلكية حيث سجلوا خسوف القمر وقاسوا دورته وعرفوا حركته الظاهرية
وعبدوا الكواكب السبعة .... وحيث أن الكواكب تظهر للمشاهد متحركة بين النجوم لذا
أطلق عليها الأقدمون (النجوم السيارة) وأطلقوا على النجوم أيضا (النجوم الثوابت)
ليفرقوا بينها وبين الكواكب . كما أن حضارات الصين والهند والعرب قبل الإسلام سجل
لهم التاريخ أعمالا فلكية متعددة . أما الحضارة اليونانية تميزت بالطابع الفلسفي
حيث وضعت بعض الأفكار عن دوران الأجسام في السماء وهل الشمس مركز الكون أم الأرض ؟
وغيره من أن الكون أكبر من العالم المعروف بمرات كثيرة وأن النجوم والشمس يقعان في
وسط السماء .
وعندما جاء الإسلام حصل تطورا هائلا في فترة ازدهار الدولة الإسلامية وذلك
لارتباط الفلك بالدين من حيث العبادات لحساب مواقيت الصلاة وتحديد أوائل الشهور
العربية أو لفهم بعض الآيات الكونية حيث حث الله المؤمنين في مواضع شتى للنظر إلى
السماء والتفكر في آياتها ، قال تعالى : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل
والنهار لآيات لأولي الألباب ............) .
كما قام المسلمون بترجمة الكتب وتنقيحها وتصحيحها ، ووضعوا ذلك في كتب تضمنت جداول
ومعلومات أسموها (الأزياج) ، ووضعوا الكثير من الأسس والقواعد الفلكية المهمة ، بل
برهنوا على دوران الأرض والكواكب حول الشمس ، وقد بذلوا جهدا كبيرا في وضع قواعد
لضبط مواقيت الصلاة ، كما استنتجوا طرقا لحساب بداية الشهور العربية وضبط التقويم
الهجري ، كما أجروا التجارب العلمية لحساب خطوط الطول والعرض لشتى المدن الإسلامية
وغير ذلك الكثير .
ويكفي المسلم فخرا شهادة المستشرقيبن ، حيث يقول (جورج سارتن) في كتابه
(المدخل لتاريخ العلوم) : إن البحوث التي قام بها العرب والمسلمين في حقل الفلك
كانت مفيدة للغاية ، إذ أنها هي بالحقيقة التي مهدت الطريق للنهضة الفلكية الكبرى
التي ازدهرت في عهد (كبلر) و(كوبرنيك) ، ويقول (شكات) في كتابه (تاريخ الرياضيات) :
كانت قياسات علماء العرب والمسلمين في الفلك إلى حدّ كبير أصح من قياسات اليونان .
وكوننا متأثرون لغويّا وحضاريّا بما لدى الغرب من تقدم علمي ، حيث أدخلنا
بعض الألفاظ الأجنبية في لغتنا ، وهو نفس الحال والإحساس الذي كان يتملك الغرب في
العصور الوسطى نحو المسلمين ، حيث اهتموا باللغة العربية وأدخلوا بعض المسميات
العربية في ترجماتهم .
وفي الحضارة الحديثة استطاع الإنسان أن يطور طرق الرصد حتى أصبحت لديه
القدرة على رصد المجرات والتعرف عليها ، فقد تم النجاح في التعمق في دراسة الكون
للتعرف على ما فيه حتى استطاع ارتياد الفضاء ، وجعل المركبات الفضائية تتجول في
الفضاء بين كواكب المجموعة الشمسية .
-------------//-------------- [/align]
العلوم عند العرب والمسلمين
[align=center]العلوم عند العرب والمسلمين
الفلك وعلومه ومؤلفاته
تواريخ مهمة في الفلك
أطلق المسلمون على علم الفلك أسماء شتى؛ فقد اشتهر عندهم باسم علم الهيئة، وعلم النجوم، وعلم
النجوم التعليمي، وعلم صناعة النجوم.
علم الفلك والتنجيم. اختلف علم الفلك عند علماء المسلمين عن علم التنجيم أو ما يسمى أحيانًا علم أحكام النجوم. وعلى الرغم من أن الدين الإسلامي قد بيَّن فساد الاعتقاد بالتنجيم وعلاقته بما يجري على الأرض، ودلالة الكواكب والنجوم على مصير البشر والأحوال المستقبلية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض القائمين بالأمر، لاسيما الخلفاء العباسيين، أن يعنوا به في بادئ الأمر. لذا نجد أنهم لجأوا إلى المنجمين قبل إقدامهم على الكثير من أعمالهم المهمة. فنجد المنصور قد قرب كافة المنجمين إليه ومنحهم أموالاً وهبات كثيرة، بل عمل بأحكام النجوم، وكان يصطحب معه المنجمين مثل نوبخت الفارسي، وإبراهيم بن حبيب الفزاري، وعلي الإصطرلابي المنجم. وعمل بتوجيهاتهم في كثير من الأحوال السياسية والإدارية والعمرانية والعسكرية، بل نجدهم أحيانًا يعالجون الأمراض بمقتضى مواقع النجوم والكواكب.
كان للعرب قبل الإسلام معرفة فلكية انحدرت إليهم من تراث أجدادهم، بالإضافة إلى ما أخذوه من الأقوام المجاورين لهم كالكلدانيين والفرس والسريان. فقد ألموا بمواقع النجوم وسيرها التقريبي بالملاحظة اليومية واستدلوا بذلك على فصول السنة، وأطلقوا على الشهور أسماء مأخوذة من صفات هذه الفصول.. كما عرفوا عددًا كبيرًا من الكواكب والنجوم بأسمائها العربية أو الفارسية أو الكلدانية مثل المريخ الذي عرّبوه من الاسم الكلداني البابلي مردوخ، ثم في فترة لاحقة استعاروا أسماء بعضها من الفارسية مثل كيوان؛ برجيس؛ بهرام؛ أناهيد التي أطلقوها على زحل والمشتري والمريخ والزُّهرة على التوالي.
التنجيم تغلغل في نفوس الخاصة والعامة وظهر جليًا لدى الخلفاء. رسمت صور الأبراج على هذا الطبق للمعز الأيوبي . لم يؤسس علم الهيئة على منهج علمي وقواعد ثابتة إلا في العصر العباسي، شأنه في ذلك
شأن سائر فروع المعرفة بعد أن اتسعت حركة النقل والترجمة. إلا أنه من الغريب أن أول كتاب ترجم في علم الفلك لم يكن في العصر العباسي، بل في العصر الأموي قبل زوال الدولة الأموية بسبع سنين، ولعله كان كتاب عرض مفتاح النجوم للفلكي المصري هرمس.
ولشغف المنصور بعلم أحكام النجوم؛ أمر بنقل كتاب السدَّهانتا (السند هند) إلى اللغة العربية، وكان ذلك عام 154هـ،771م. كما أمر أيضًا بنقل كتاب المجسطي لبطليموس، وعمل في ذلك الخوارزمي والفزاري وأبناء موسى بن شاكر المنجم. ثم قام إبراهيم بن حبيب الفزاري بتصنيف كتاب في الفلك على غرار كتاب السند هند اتخذه العرب أصلاً في حركات الكواكب، واستخرج منه زيجًا حوّل فيه سني الهنود النجومية إلى سنين عربية قمرية.وأطلق المسلمون على هذا الكتاب اسم السند هند الكبير وقام الخوارزمي باختصاره. وظل المسلمون يعملون به إلى زمن المأمون.
لما توافرت المصنفات الفلكية، بدأ المسلمون يطوّرون ما وصل إليهم من هذا العلم،وانتقل العلم من المجال النظري إلى المجال العلمي التطبيقي القائم على الرصد والمشاهدة. وبرغم أن التنجيم لم يَزُلْ نهائياً من قلوب الخاصة والعامة، إلا أن علم الهيئة ازدهر بسرعة لحاجة المسلمين إليه لمعرفة أوقات الصلوات والأعياد والصيام واتجاه القبلة، ولعناية الخلفاء العباسيين الكبيرة به.
بالإضافة إلى كتابي السند هند والمجسطي نقل العلماء على عهد المنصور كتاب الأربع مقالات في صناعة أحكام النجوم لبطليموس، وقام بهذا النقل أبو يحيى البطريق. وجاء من بعده عمر بن الفرخان (ت 200هـ، 815م) صديق يحيى البرمكي فعلّق عليها، ونقلت في عهد المنصور كتب أخرى أرسل في طلبها من ملك الروم آنذاك. كما أمر يحيى البرمكي بنقل كتاب التصنيف العظيم في الحساب لبطليموس من السريانية إلى العربية.
لعل أوضح مثال على تغلغل التنجيم في نفوس الخاصة والعامة في بداية العصر العباسي ما حدث عندما فكر المنصور في بناء بغداد (145هـ، 762م) إذ وضع أساسها في الوقت الذي حدده له المنجمان ما شاء الله اليهودي ونوبخت الفارسي. وتمت هندستها بحضورهما وبحضور مشاهير المنجمين من أمثال الفزاري والطبري، ويؤكد ذلك البيروني في الآثار الباقية.
وللعرب مؤلفات في التنجيم سواء في المشرق أو المغرب. ومن أبرز هؤلاء في الشرق أبو معشر الفلكي البلخي (ت 272هـ، 886م). وكان يعمل في بدء حياته في علم الحساب والهندسة، إلا أنه رأى أن ليس لديه الصبر وقوة التحمل لصعوبتهما؛ فترك ذلك واشتغل بأحكام النجوم. وله مؤلفات كثيرة في علم الهيئة والتنجيم أشهرها كتاب المُدخل الكبير؛ الزيج الكبير؛ الزيج الصغير. ومن الذين ألّفوا في التنجيم من أهل المغرب ابن أبي الرجال المغربي القيرواني (ت بعد سنة 432هـ، 1040م) من فاس بالمغرب. كان
يعيش في تونس حيث كان في خدمة شرف الدولة المعز بن باديس في القيروان. ولابن أبي الرجال عدة مؤلفات أهمها كتاب البارع في أحكام النجوم والطوالع، وكان أكثر كتب التنجيم رواجًا في تلك الحقبة وترجم إلى اللاتينية وطبع مرارًا، وكذلك إلى الأسبانية والبرتغالية ثم ترجم ثلاث مرات إلى العبرية.
لما بالغ الناس في الاهتمام بأمر التنجيم قام بعض العلماء والمفكرين المسلمين والعرب بمحاربته ودعوا إلى بطلان الاعتقاد به وبيان سخف المشتغلين به. ولم يقتصر الأمر على الشرق الإسلامي، بل عم كل أرجاء العالم الإسلامي ومثّل هذه الحملة الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن حزم. فالكندي انتقد أقوال المنجمين في تنبؤاتهم القائمة على حركات الكواكب. ولربما يكون إيمانه بعدم تأثير الكواكب في بني البشر
انعكاسًا لنظرياته في النفس الإنسانية وعلم الفلك. والمطلع على رسائله في العلة القريبة الفاعلة للكون والفساد يستشف أنه كان بعيدًا عن التنجيم، ولا يؤمن بأن للكواكب صفات معينة من النحس أو السعد أو العناية بأمم معينة.
خالف الفارابي معاصريه عندما قال ببطلان صناعة التنجيم. وقد استدل على ذلك بحجج وبراهين عقلية تشوبها السخرية، وكتب آراءه عن التنجيم في رسالة بعنوان النكت فيما يصح وفيما لا يصح من أحكام النجوم؛ وبيّن في هذه الرسالة فساد أحكام علم النجوم الذي يعزو المنجمون كل كبيرة وصغيرة فيه إلى الكواكب وقراناتها. كما يوضح في رسالة أخرى الخطأ الكبير فيما يزعمه الزاعمون من أن بعض الكواكب يجلب السعادة وبعضها الآخر يجلب النحس. ويخلص الفارابي إلى أن ¸هناك معرفة برهانية يقينية إلى إكمال درجات اليقين نجدها في علم النجوم التعليمي (علم الفلك). أما دراسة خصائص الأفلاك وفعلها في الأرض فلا نظفر منها إلا بمعرفة ظنّية، ودعاوي المنجمين ونبوءاتهم لا تستحق إلا الشك والارتياب…·.
----//-----------
يتبع [/align]