الموهبة و العقاب

[align=center]قرأت قولاً للأديب العربي السوري الراحل محمد الماغوط يقول فيه :

(( ما من موهبة تمر دون عقاب ))

و الراحل الماغوط عرف في الأوساط الأدبية و الفنية العربية عموماً و السورية على وجه التحديد بكتاباته

الساخرة و التي يعتمد فيها على النقد الاجتماعي و السياسي .. ومن مؤلفاته هناك مسرحيات أدت

لشهرة البعض .. مثل دريد لحام و غيره ..

استوقفتني هذه العبارة طويلاً ... ما من موهبة تمر دون عقاب ...

و المواهب كثيرة قد منحها الله تعالى للإنسان لـ يبدع في إصلاح الأرض ,,, و يعرف مخلوقات خالقه

بطريقة يتفوق بها على غيره من أبناء جنسه ..

و للموهبة شروط تتأكد دائماً بالصقل المعرفي و الاهتمام ... من قبل صاحب الموهبة و من المحيطين به

ومن وسائل الإعلام المختلفة إنتهاء بــدور الحكومة في تعزيز الموهبة و إبرازها لتكون مرجعية للجميع

و ما يقصده الراحل الماغوط حقيقة في مقولته هو الجانب الآخر المظلم الذي يؤدي حكماً لدى البعض

إلى موت الموهبة و اندثارها ...


فالتجاهل للموهبة و عدم القاء بقعة ضوء عليها و دعمها من قبل الجهات المعنية كثيراً ما يؤدي

إلى وأد الموهبة في مهدها ..

فمن أسواء الأحوال و الحالات تحول القارئ إلى ناقد ،،، ليبدأ بممارسة مهام نقده المتقمص بـمرحلة

الإنكار ومنه إلى حالة التجاهل التام ومن ثم إلى مرحلة النقد الساحق فـ يشن هجومه ليعبث

بالقلم و الموهبة و الفكرة ... ليصل هذا الأخير نهاية إلى مرحلة استلاب تامة لمن كان بالأمس القريب

قارئاً له و متعلماً منه أصول الكتابة و السرد و التعبير ...


بــهذه الطريقة يتعرض ذوي المواهب و القدرات للإنسحاق التام في دوامة النقد العشوائي ...

الصادر عن من كان بالأمس مصفقاً و منبهراً و متعلماً من الموهوب فنون العزف على اوتار الحروف و الضرب

على إيقاع الكلمة و الرقص على سيمفونية الأدب ...

ولعلي لا أبالغ إن قلت و هذا رأي اتفق عليه غالبية المثقفين في العالم أجمع و العربي على الأخص

أن هذا المد الطوفاني من النقد السلبي يشمل كافة كوادر المتميزين في حقول الابداع ...

فلم يعد هناك أسهل من تحولات العاطلين عن العمل مثلاً إلى نقاد للأدب .. و الجهلة إلى صحفيين

و ممارسي لحرفة النقش بالحناء إلى شعراء .. و المشعوذين إلى دعاة للاصلاح ..

فالتحولات الخطيرة في المنحى و المسلك أدى الى ظهور امواج النقاد المزيفين ... في الأدب و بقية العلوم

مما يؤكد حقيقة لا خيالاً جملة الماغوط الشهيرة (( ما من موهبة تمر دون عقاب ))


ويملأنا هذا المد من النقد السالب حتى بدأ يمس شؤوننا الصغيرة ... التي قد لا يهتم لها المتتبع

ولكن في حالة التحول التي حدثت له ... أضحى ناقداً يحرر بجميع النقاط و الانعطافات رسائل موجهة

نحو جهات أعلى ... للقضاء على آخر ما تبقى من الموهبة ،،، وهو يعتقد كل الاعتقاد أنه يمكنه شراء

الموهبة بالمال أو بالوسائل غير المشروعة ...

هذه هي الموهبة ،،، وذاك هو العقاب ،،، فهل اعتدلت كفتي الميزان ،،، لا أعتقد ... [/align]