أختي الأستاذة نوف بنت فهد كل الشكر والتقدير لما طرحتيه من مشكلة هي أحد المشاكل المنتشرة في أيامنا هذه .
وأرى بأن المشكلة أصبحت ظاهرة ، وأنتشارها أصبح شائعاً بين أغلبية الأسر الا من رحم ربي ، ولذلك كان يفترض من الجميع طرحها بكل شفافية على المجتمع ، ودراستها دراسةً مستفيضة ، ووضع الحلول المناسبة لها دون حرجٍ أو خجل .
أستاذتي الفاضلة تطرقتي لوعود الآباء لأبنائهم وما يترتب عليه من تأثير سلبي عليهم ، ثم ربطتي مشكلة الفتاة بهذا السلوك ، ولما كان ذلك خطأ برأي الشخصي ، فأرجو أن تتقبلي وجهة نظري بصدر رحب .
مشكلة الأنحراف لدى الشباب وخاصةً المراهقين منهم تكمن في تربيتهم ، سواءاً كانت تلك التربية في المنزل أم في المدرسة ، أم في المجتمع ، ولأن الأسرة هي نواة المجتمع أن صلحت صلح المجتمع بأسره ، فألقي اللوم الأساسي على الأسرة ، ولقد ذكرتي أن تلك الضحية كان والدها كثير السفر ، ووالدتها سيدة مجتمع وليست سيدة أو ربّت بيت ، لذلك لا حسيب لها ولا رقيب ، ولاناصحٌ ولا موجه ، فأصبحت تبحث عن النقص الذي أحدثاه والديها بنفسها وشخصيتها ، فوجدت ضالتها بضحية مثلها ، يبحث عن النقص الذي أحدثاه والديه في شخصيته ، وهكذا فالأثنين ضحايا تصرف الآباء ، والأثنين نتاج لتربيةٍ هشة وغير صلبة .
مجتمعاتنا بطبيعتها المحافظة تتحرج من الحديث مع أبنائهم في مثل تلك الأمور ، ولا تريد النقاش معهم في مثل هذه الظواهر الغير أخلاقية والبعيدة عن عقيدتنا وتقاليدنا ، فتجدين أبسط الأمور التي تحدث للفتاة أو الشاب لا يريدون النقاش معهم حولها .
مثلاً :
تأتي أبنتك لتقول لأمها سمعت زميلتي تتحدث عن علاقة لها مع شاب ، أو أنها تلقت منه رقم جواله في السوق ، فتجدين الأم تنهرها بعصبية وتقول لها " أتركيها هذه قليلة أدب وعيب تسولفين هذه السوالف " دون أن تسايرها لتعلمها أين الخطأ في ذلك ، وما يجب عليها عمله في مثل هذه الأمور ، وكيف تتصرف مع زميلاتها
ممن يقعن في هذا الفخ .
وهذا ينطبق مع الأبن أيضاً فمن يجرؤ على الحديث مع أباه عن مثل هذه الأمور ، ومن من الأباء يجلس مع أبنه
ليتحاور معه عن مثل تلك الظواهر .
أضيفي الى ذلك تربية الأب والأم أيضاً ، سأروي عليك هذه القصة :
كنت أسكن في أحدى الفنادق في بيروت وكنت أجلس في بهو الفندق الصغير وأذا بأمرأة خليجية تطلب من موظف الأستقبال سيارة تاكسي ليأخذها عند الكوافير "" كل هذا نطوفه "" وبعدها بعشرة دقائق نزلت طفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها ، وخرجت لوحدها لتعود وهي تحمل المشروبات الكحولية على صدرها وتصعد الى الأعلى ، فصعقت وشل تفكيري ، فسألت موظف الأستقبال عما رأيت فضحك وقال هذه الطفلة أبنة تلك المرأة التي ذهبت للكوافير ، وما جلبته من مشروبات هو لأبيها الجالس في غرفته بأعلى الفندق .
لاحظي أختي نوف لم يقم الأب بطلب المنكر من موظف الفندق بل من أبنته الصغيرة ، فماذا عسى هذه المسكينة أن تكون ؟؟؟؟
أرجو المعذرة على الأطالة وموضوعك يستحق منا الكثير والكثير .
وتقبلي خالص شكري وتقديري لطرحك الراقي .