كرشي وكرشك!!-جريدة الجزيرة 21/6/1425
[frame="9 80"]أعلم تماماً إن كنت من أصحاب الكروش الكبيرة أنك قد نظرت إليها فوراً بعد قراءتك عنوان هذا المقال.. ووضعت يدك على قمتها لتمسح عليها بطريقة دائرية مفعمة بالحنان والشفقة.. وتنظر إليها بنظرة من لا حيلة له، وأنت تتمنى زوالها اليوم قبل غد.
لقد ابتلينا شباب وشابات هذا العصر بهذا المرض الخطير، فأصبح واحدنا ينقل معه كرشاً يساوي وزنه المثالي.. أثقل حركته وعطل حياته وشوّه منظره وعلّ صحته وأذهب شبابه.. بل إن بعضنا من فرط سمنته يمشي وكأنه ثلاثة أشخاص في ثوب واحد.. وبعضنا قد تعطلت وظائف حياته الأساسية فلا يستطيع أن يجلس كما يجلس الأسوياء ولا أن يغتسل أو يقضي حاجته كما يقضيها الناس.. حتى نومه أصبح مزعجاً للغير فلا أحد ينام بجانبه بسبب شخيره الذي لا يهدأ ويجد حرجاً كبيراً عندما يذهب إلى السوق ليشتري له ملابس أو حذاء أو ساعة أو غيره لأنه لا يجد مقاسه بسهولة بل يضطر أحياناً إلى تفصيل ما لم تدرج العادة على تفصيله، كالملابس الداخلية كل ذلك ليجد ما يتسع لجسمه.. وتكمن المشكلة في الشابات أكثر بكثير من الشباب لأن المظهر والبحث عن الموضة هو شغلهن الشاغل.. وتتعدى المعاناة إلى العبادات كضمان وصول الماء إلى بعض مناطق الجسم بين أرتال الشحوم وثنيات الجلود المترهلة.. وفي الصلاة فالركوع والسجود والقيام أشبه ما تكون بالتمارين الرياضية التعجيزية.. أما في الحج والعمرة فالمعاناة كبيرة ولك أن تسأل أي بدين عن أنواع الكريمات التي يستخدمها لمكافحة احتكاك الأفخاذ وأنواع مزيلات العرق.
هذه بعض مضاعفات السمنة الاجتماعية ولك أن تتخيل كم هي مضاعفاتها الصحية.. فقد أثبتت الدراسات أن السمنة لمدة تزيد على عشر سنوات تزيد نسبة التعرض لأمراض القلب والموت المفاجئ.. وهي كما نعرف جميعاً سبب رئيسي لارتفاع ضغط الدم والسكري وآلام المفاصل والأربطة.. كما أثبتت الدراسات أن إنقاص عشرة كيلو جرامات من الوزن كفيل بإنقاص الوفيات الناتجة عن السمنة بنسبة 20% وإنقاص احتمالية الإصابة بالسرطان 40% والسكري بنسبة 50% والكلسترول 10% والدهون 15% كما يساعد على انخفاض ضغط الدم المرتفع.
ولتدرك الخطر الذي يحمله كرشك الذي أمامك الآن بشكل عملي فعليك قياس محيطه فإن كان يزيد على 94 سم فأنت في خطر شديد وإن أكثر من 102 سم فإنك في خطر شديد فعلي.. أما في النساء فإن كان محيط الكرش يزيد على 80 سم فهي في خطر شديد وإن أكثر من 88 سم فهي في خطر شديد فعلي.. فبعد أن تقيس محيطه ستدرك تماماً كم أن هذا الكرش الذي تنقله معك ليل نهار وتحرص كل الحرص على تغذيته انه قنبلة موقوتة قد تودي بحياتك.
إن التوجه لمكافحة الكروش هو توجه عالمي فالأمريكيون ينفقون 93 مليار دولار سنوياً لمواجهة الأمراض الناتجة عن زيادة الوزن.. كما أننا هنا ننفق بحجم كروشنا ولكن بلا حساب.. وفي نفس الوقت فإن تربية الكروش وتسمينها مستمر بالرغم من الجلطات التي فتكت بنا والسكري الذي أذبل عروقنا والضغط الذي أتعب قلوبنا.
لنبدأ أخي وأختي معاً بمحاربة الكروش بداية جادة بحمية وبرنامج رياضي منتظم ومستمر ونغير من عادتنا الغذائية.. ونرفع شعاراً موحداً (كرشي وكرشك.. هي مرضي ومرضك)!!..
وقفة
السمنة هي القداحة الخفية.. لكل تلك الفتائل الكامنة في داخلنا..
د.عبدالعزيز النخيلان الشمري
* مستشفى حائل العام
www.drabdulaziz.jeeran.com [/frame]
