زمن الكتابة الصعب ...!!
by
, 13-01-2010 at 15:50 (4821 المشاهدات)
إن خوض معركة بأي سلاح أسهل بكثير من الخوض في الكتابة عبر صفحات بيضاء
إن تأبط القلم قرب شفير من نار يلوح بـ أفق حمل لنا حمائم مخضبة بالدماء ..
بينما راح المداد يتراقص في قلب المحبرة الخجلى و المتوعكة عن الإمداد بالمداد
ماذا عساني أكتب .. وماذا عساكم تكتبون ..؟
أزمنة الكتابة ملتهبة كالصفيح أزمنة الكتابة ارتدت ثياب العار والخذلان لأنها بدأت
و مضت وهي لا تزال حبراً على ورق..وهي لا تزال تتوشح الصمت في آونة العمل
فما هي الفائدة أن أكتب لكم وأن تكتبوا لي في حين ترتكب المجازر بحق اطفال
ونساء و شيوخ و آلة الحرب الوحشية تستبيح مساجد وبيوتات غزة الفارغة من
أدنى مستويات الاحتياج ..
وما الفائدة أن أكتب والقلم والعقل و الفؤاد جرحى و الصفحات مسكونة بأكوام من
أحزان هذا العالم ..
وما الفائدة من الكتابة اذ طالما حروفنا لن تهز هذا الطقس السائد من الصمت و العويل
و النيران و آلات المدفعية و القنابل الفسفورية
مافائدة الكتابة ان لم تلامس آذان الحكام و الزعماء و الرؤوساء .. مافائدة الكتابة ان لم
تخاطب منابر العالم الدولية و تحدث ضجة في أروقة البيت الابيض و كراسي مجلس الأمن
والجامعة العربية وكل قمة تنعقد خارجة عن ارادة الشعوب ومايريده الشعوب..
مافائدة الكتابة في هذا الزمن الصعب حيث بدأ التأريخ لأمة الاسلام اليوم
بعدد الشهداء وبعدد الجرحى و بعدد المهدمة بيوتهم ومساجدهم ...
مافائدة الكتابة في زمن موت الطفولة .. وفي زمن التحاف أجسادهم بـ الدم و الفسفور
إنهم يرتحلون .. وكأنهم في نوم عميق .. بل في سبات أبدي..
و يستصرخ القلم فوق الاوراق البيضاء و تنادي المحبرة .. يالعجزنا ونفاذ حيلتنا ..
أنحن من كنا نصنع يوماً الأمجاد لأمة إقرأ ..!!
ويأبى القلم الكتابة .. و تعتصم المحبرة في ركنها كأنها زجاجة متشظية لملم زجاجها
من نفايات الدول العربية.
نتوسل للورقة .. نستعطف القلم .. و نقبل رأس المحبرة .. ومع ذلك يأبى كل منهم
أن يمارس دوره فليس هذا زمن الكتابة إنه زمن صعب وحري بالقلم الاعتكاف وراء
ستائر الماضي .. لعله يحيا من جديد ..لعله يولد من جديد ..
وتستمر التوسلات فلا يستجيب القلم .. ولكنه قد يحمل أفئدتنا وعقولنا الى نزهة
بين كتب غسان كنفاني .. و بين قصائد أحمد مطر ... ومحمود درويش ...
من "عابرون في كلام عابر" إلى "رجال تحت الشمس " "وعائد الى حيفا "
في حين ترنح القلم فوق ورقات "أرض البرتقال الحزين" .
أولئك أدباء القضية الفلسطينية لم يخذلهم القلم هل نعلم لماذا ..؟
لسبب بسيط جداً ..أن حروفهم و كلماتهم و مؤلفاتهم كانت مقلقة
حول طبيعة الصراع بين القوى الصهيونية و الإنسان الفلسطيني ..
تلك النزهة .. قد أعادت للعقل اتزانه ومع ذلك يأبى القلم الكتابة
فلقد اختلفت الادوار و اصبحت سلطة الكلمة بيد أشباه الادباء
وبيد روبيضات الزمان ... لذا نحن نعاصر زمن الكتابة الصعب ..!!