نظرية بوهيمية ...!!
by
, 02-05-2010 at 21:53 (5368 المشاهدات)
كتب أحد الزملاء زاوية في أحد الأقسام المعروفة لرواد مكان ما بأننا نفقد سعادتنا ان فقدنا من حولنا وأن سعادتنا غير مرتبطة بوجود الآخرين معنا و أننا يمكن أن نعمل على تصنيع السعادة ذاتياً فيكون منشأها منا والينا وبالتالي تعم على الأخرين ..
من حيث الفكرة كفكرة نظرية لابأس في القول و الرأي .. ولكن من حيث الوجهة العملية لخلق السعادة فإن النظرية باتت تنتمي لما يسمى البوهيمية ..
ولسنا في صدد التوغل في معنى البوهيمية حيث تمتلئ الشبكة دراسات وبحوث حولها لكننا بصدد تحليل لظاهرة بدأت تخترق ادق تفاصيل حياتنا وهي خصخصة السعادة وجعلها نابعة من مصدر أحادي بعيد عن المألوف .
وكذلك خصخصة الحب ليكون نابعاً من الداخل فقط دون شراكة ودون مسببات الحب وكأنما نقول للأخرين خصخصوا مشاعركم فهي ملك لكم لا تخص أحد سواكم ولا تعني الا أناكم ..
وبرايي الخاص فأنا ضد الخصخصة في مجال المشاعر فلا الحزن يمكن خصخصته ولا السعادة ولا الحب فهم بمنأى عن اي دواخل تحد من مفاهيهم و تأثيرها على الفرد والجماعة ..
إن كانت السعادة يمكن تصنيعها من الداخل فهذا كلام يمكن أن يرى من ناحية الايمان حينما يكلل القلب و العقل لينطلق الانسان الى الكون الأرحب ..
وهنا نضمن الجانب الروحي للإنسان بأنه استطاع تحقيق ذلك من خلال توجهه المبني على الايمان .
لكن ومع ذلك لم يكن المرء بمعزل عن الأخرين ولا يمكن أن يستمر أمر بمعزل عن الأخرين فلو كان تصنيع السعادة يبدأ وينتهي من الداخل فقط لما خلق الله حواء لآدم ..
ولما أمر باعمار هذا الكون بالتناسل والعلاقات الاجتماعية والعلاقات على كافة مستوياتها..
ان سعادة المرء مهما حاول تخصيصها لن يشعر بلذتها الا بالمشاركة من قبل عدة أطراف منها العائلة والأب والأم والولد و الزوج والاصدقاء والزملاء والمدير في العمل والمجتمع ككل.
إن الاسلام لم يكرس لمعنى الفردية والذاتية في المجتمع بل كرس لروح الجماعة ومن ذلك نرى أوقات مختلفة ومتفاوتة لاجتماع المسلمين ففي كل يوم يجتمع المسلمين خمس مرات لأداء فروض الصلاة ، وفي كل يوم جمعة يجتمعون لأداء صلاة الجمعة ، وفي كل رمضان يجتمعون على نمط عبادة معين وافطار وسحور موقوت أما المناسبة التي تجسد روح الجماعة التي هي مصدر كل سعادة تتجلى في الحج على صعيد عرفات .. هناك حيث كل المسلمون سعداء بأنهم اجتمعوا لتلبية نداء الله ..
ومن هنا فليكن القياس لو كانت السعادة مصدرها الأنا لكان الله أمرنا فقط بالحج الفردي والصوم الفردي والصلاة الفردية لكنه بارك بالجماعة ففيها أكثر درجات وثواب أعم..
حينما يداهمنا المرض لا يخطر في بالنا إلا الاحبة من الأم والاب والاخ والصديق ..
حينما يعترينا الفرح لا يمكن أن نعبر عنه الا بالاحتكاك مع الغير ومشاركتهم .
وحينما نكون يد تدفع بالأخرين نحو الصلاح و الايمان والمعونة والاصلاح و قضاء حاجات الناس والسعي في أمورهم وشؤونهم وقضاياهم وهمومهم و محاولة حل ما استصعب منها إن لذلك منعكس على النفس والروح بسعادة لا يمكن أن تقدر بثمن ولا يمكن قياسها ..
قد يتخلى عنا البعض من أحبتنا لكن لا يعني ذلك نهاية الكون ونهاية العالم قد نتعرض لمواقف الخذلان والتأي والهجران لكن ذلك حافز لنكون أكثر صلابة مع الايام وأن نكون أكثر التصاقاً بالاخرين فمن عاش بهمومه وأشجانه وحيداً ولم ينصت للأخرين مات بمرض الوهم ..
ومن انكفاء على نفسه ليحقق سعادة فردية سرعان ماتتلاشى تلك السعادة لأنها غير قابلة للديمومة ولا للبقاء ...!