أيها الحزين .. !؟
by
, 20-04-2010 at 14:56 (5103 المشاهدات)
أحزن ما أحزن له من أحوال البشر وأمورهم..
أن أجد أحدهم غير قادر على الخروج من حزنه..
بل أجد أن معاناته قد أخذت لنفسها مكاناً خاصاً في نفسه..
ولو الأمر بيدي لفعلت له ما لم يقدر على فعله بيده..
ولكن كيف ذلك.. والكل يحاول أن ينفرّ ويتوحد بأمره..
ويعطي لحزنه الكثير من وقته دون أن يستمع لغيره..
وكأنني لم أرى في أيام حياتي.. علاقة أشدَّ وفاءً وقرباً من علاقة
ذلك الإنسان مع حزنه وهمّه.. وكأنه أعتاد عليه ولا باستطاعته
أن ينفرَّ منه غير أن يبقى فيه ليحتل ما بقي منه..
فبعض أحزان المرء قد تقتله وتبعثه إلى حتفه دون أن يدري
أو دون أن يرى مدى خطورة بقائها في داخله..
أن ذلك الحزن مهما كان هدوءه في حياة صاحبه
فأنه مؤثر في نفسه ومشاعره واتجاهاته
قد نرى الكثير من حولنا نعرفهم ونجالسهم في كثير من الأحيان..
ولكننا بلحظة ما أو ظرفاً من ظروفهم نجدهم أنهم قد اعتزلوا البقية
وبقوا مع وحدتهم دون أن يخالطها أحداً غيرهم..
فلا ينبغي عليهم بقاءهم في تلك الوحدة..
لأنها وحدها التي تجعل من حال ذلك الحزن باقي
وتدفعه إلى أن يتسلل لكل شئ في داخلهم..
حينها سيصبح معها من الصعب نهاية تلك الأحزان وخلاصهم منها..
وعلى المرء أن يرفضها ولا يسمح لها أن تأخذ منه أكثر مما أخذت..
ويعود كما كان في بداية عهده .. وأن يدفع بنفسه إلى مخالطة غيره..
ويبحث في طريقه وبين أشياءه عن بداية جديدة يتنفس معها الأمل
فعلّه يشرق ذلك ببعض مناطق حياته..
أن ذلك أقل ما يمكن أن يفعله المرء لنفسه..
وليس من الضرورة نسيان ما فات.. ومحاولة اخفاءه كلياً من حياته..
فقد يجد في داخله صعوبة أمر ذلك.. مما يحبط من مشاعره وتفكيره..
وإنما يحاول التوفيق بين حياته الفائتة وحياته القادمة..
وما دامه يرى ويشعر في عجزه اتجاه ذلك.. فعليه أن يهرب إلى الناس
ويترك الأمر لهم.. فمهما أختلفت الناس في بعضها وتفاوتت في أحوالها..
فحتماً سيجد من بينهم إنساناً يفهمه ويقدره.. فيساعده على نهاية محنته..
لهذا دائماً يبقى بيننا الكثير من البشر الذين يحملون في داخلهم معاناتهم..
ولكنهم غير قادرين على نسيانها ولا الخروج منها..
وهذا لأنهم لم يجدوا لأنفسهم مكاناً لهم بين الناس..
فتجدهم شاردين في أذهانهم حائرين في أمورهم حتى في تواجدهم مع العامة..
فلم يتركوا لأحدهم من بينهم فرصه لكي يفهمهم ويدركهم..
فسرعان ما يهلعوا مسرعين إلى وحدتهم وبقائهم مع أنفسهم أكثر مما كانت عليه..
هنا الإنسان مجموعة أحاسيس وأفكار..
فأن كانت مشاعره تدفعه لتلك الوحدة فينبغي على أفكاره أن ترفض تلك المشاعر..
كذلك أفكاره أن كانت بالمثل فعلى مشاعره أن تردعها وتوقفها عند حدّها..
فمن الجميل أن تتفق المشاعر مع الأفكار.. لكن حينما يصل أمرها إلى هلاك صاحبها..
فعليها أن تختلف عن بعضها وأن يتمرّد كل منهما على الآخر..
ليصل أمرها في شأن صاحبها المنقذة لأحواله..
وأن وجد المرء أن أفكاره ومشاعره متفقة على هلاكه وضياعه..
فلهذا كما ذكرنا عليه أن يهرب من نفسه إلى الناس..
ليجد من بين أفكارهم ومشاعرهم فكراً يعالج فكره..
وإحساساً يشفي مشاعره.. ليكون في أحسن أحواله..
فيا أيها الحزين البائس . . .
فلتعلم أنه إذا ذهبت الشمس.. سترجع وتأتي معها بألف نهار..