ظلمة .. ودعاء .. !!؟
by
, 05-03-2010 at 01:49 (4490 المشاهدات)
أول الإنسان ظلمة.. وأخره ظلمة..
ولو أني لم أرى في أيام حياتي إنساناً سعيداً وهانئاً في عيشه.. لقلت أن أوسطه أيضاً ظلمة..
فما أن يخرج الإنسان من ظلمة الرحم تتلقاه ظلمة الحياة ومتاعبها وهموم عيشها فتجذبّه ظلمة قبره فيسكنه إلى يوم يبعثون..
يسير في هذه الحياة يحمل بين جنبيه أمل سعادته في عيشه و هنائه.. حيناً يكثر شره أكثر من خيره..
وأحيان يكثر خيره أكثر من شره.. مره ساكناً هادئاً ومره هائجاً ثائراً..
يتفاوت في تفاوته مع أمره ونهيه وعطاؤه ومنعه.. يكثر ما ينقّص حياته ويقل ما يزيد منها..
يجد ما يقلق عيشه.. ويجد ما يشعره بما يوقض ألمه.. تتعالى إرادته في أعماقه.. فتهبط من عاليه لسافله..
تبلّله دموعه فتجفّفها ظلمة قسوته.. يضحك مره ويكتئب أخرى.. يتغنى حيناً ويبكي أحياناً..
يخفق قلبه خفقة سرور مره ويخفق خفقة حزن مرات.. يقل ظنه بعلمه وأدبه ويكثر ظنه بماله وجاهه..
وإذا أعطى أخذ أكثر مما أعطى.. وإذا وهب سلب فوق ما وهب..
رأيه في نفسه غير رأيه بغيره.. ورأي غيره غير رأي نفسه..
ينهي حاضره بما يأمر به غده.. ويأمر لحظته بما ينهى به مستقبله..
يتمثل مزاجه لحظه نشوته فتحل آخرى محله تمثله..
وإذا فلت منه شئ فلت منه كل شئ.. يسلك طريقه فتعجزه نهايته يخسر مستقبله فتدهشه دنياه..
يطري عليه موته فتحيل عليه شهوته فيعدل عن موقفه..
فما كان الإنسان إلآ إنساناً ضعيفاً تدفع به رغباته من أعماقه إلى شهواته..
فتظهره في غير ما تجب عليه أخلاقه وما تكون عليه نفسه..
فيطير منه الأمل ليمثله اليأس فتسكنه همومه وأحزانه فيعدل عن ملذاته لعيد ترتيبه
فيَّعجزه أعتياده فيبقى داخله في رجائه ينشد ما فوقه لنجدته وخلاصه..
فاللهم أفرج كرّب المكابدين في الحياة الذين أرهقتهم همومهم وأحزانهم..
المنكوبين.. و المتألمين المتأنين.. الباكين والبوساء والأشقياء التعساء
رحمتك اللَّهم أرحمهم وأشفق عليهم إشفاقاً عظيماً..
مازالت إيديهم باسطة رحاتها إليك.. ومازالت أعيونهم مرفوعة إلى سماءك..
فلا سبيلا لهم إلآ معونتك ورحمتك.. فانت تعلم أنهم ضعفاء لا مغيثاً لهم غيرك..
ولا معيناً لهم في هذه الدنيا إلآ قدرتك.. وتعلم أنهم أحتملوا من آلام الحياة ما أحتملوا..
وتعلم أنه لم يبقى في عيونهم مواضع لبكاء جراحهم.. فأملأهم أملاً ورجاءً وغفراناً..
وأنقذهم من بلائهم ومدّهم بعطفك ورحمتك وشفقتك.. فلا حيلة لهم في الحياة غير ما قضيت به وقدّرته..
فأعدَّ لهم عيشاً رغداً في مستقبل حياتهم.. وعالج همومهم وآلامهم وأملأ فضاءهم أملاً ونبضاً..
إنكَ مُجيب الدعاء إذا دعاك الداعي..