بين المجاملة والنفاق.. علاقة حميمة.. !!
by
, 18-03-2010 at 18:13 (6335 المشاهدات)
أن المجاملة والنفاق هي من ألدَّ أعداء الأخلاق.. مما يكون أصحابها بعيدين كل البعد عن الأخلاق الفاضلة..
وأن أصحاب المجاملة والنفاق هم أعداء أنفسهم كذلك ولكنهم لا يعلمون..
فدائماً أرى أن هناك الكثير من يجمع بين الكلمة الطيبة وبين المجاملة.. فهناك فرقاً كبيراً بينهما..
وهناك من جاء بأحاديث للرسول عليه الصلاة والسلام ليأكد فيها تأييده للمجاملة..
ولكن تلك الأحاديث تدعوا إلى الكلمة الطيبة لا المجاملة..
لهذا أجد أن أصحاب المجاملة والنفاق هم..
كخفافيش الليل التي تراها في الظلام وتختفي في النور
فصاحب المجاملة لا يختلف كثيراً عن المنافق..
فهو إما لا يعرف أهوائه وميوله.. وإما مخادع يجاريك فيما تريد ليبلغ منك مايريد..
لهذا فأن المجامل منافق لأن ظاهره ينفعك وباطنه يلذعك..
فكلما تراجعت إمكانيات الإنسان الأخلاقية والفكرية شغلته ظواهر الأشياء عن بواطنها..
إلى أن وصل به الحال في داخله غياب تلك الحقيقة ووضوحها وذلك الحق وصدقه..
بل الحق أن الوضوح والمكاشفة بعيداً عن المجاملة هما من أفضل الفضائل وكان يجب على الكثير أتباعها..
ولكن للأسف الشديد.. فهناك الكثير من باع من نفسه الكثير..
حتى أصبحت تلك الفضائل نوعاً من نوع الخوف أو نوعاً من التضحية والمجازفة
أو نوعاً من الأنقطاع والانعزال أو أي شئ آخر بعيد عن الصدق..
فبعضهم يجد أنه يخاف أن يكون صريحاً.. وأن قوله للحقيقة والصدق يجعله يضحي بصداقة من حوله ويخسره ويفترق عنه..
فهذا الخوف من الفقدان جعله يدمن على ذلك.. ويرى أن العلاقات الأنسانية لا تسير إلآ على هذه المجامله..
والغريب وما أعجب له.. أن هناك أمثلة مازالت تتحكم بالكثير من الناس وأنهم مازالوا مؤمنين فيها..
وتحتل أجزاء كثيرة في نفوسهم..
بل أصبحت تلك الأمثلة كقاعدة لهم يسيرون فيها في حياتهم..
فبعض البشر..
يؤمن بأمثلة أو نوعاً من الكلام الموزون.. وفيها على أن المجاملة ضرورية في الحياة وأنها من متطلباتها..
مثل قول ( بعض المصالح تتطلب المجاملة )
وغيرها (أن تكون مع التيار خير لك أو أجمل لك من أن تسبح ضده فتغرق)
وغيرها (هي شر لابد منه )
وغيرها ( القليل من المجاملة والقليل من الصراحة )
وغيرها ( طعم المجاملة لذيذ )
والأمثلة كثيرة من هذا النوع لا أذكرها لأنني لا أطيقها.. ولا تتحكم في حياتي و لا أتقيد فيها..
فما هي إلآ أمثلة ساذجة لتكون للكثير "كالشّماعة " التي تعلق عليها الاكاذيب والخداع والغش..
فيا أخي.. أنتَ لستَ مضطراً لتجامل أحداً.. سواء ذو شأن أو ذو مكانة أو من لا يساوي أو سفيهاً أو من لا يستحق وغيرهم..
ولا تجمع بين الكلمة الطيبة وبين المجاملة.. فهناك فرق كبير بينهما..
ولكن يبدو أن حين تختل موازين الأشياء عند بعض الناس يصبح الصدق خارج السياق وتصير المجاملة هي القاعدة..
أني أحترم أسلوب ومبدأ الإنسان.. من باب الإنسانية وليس من باب المجاملة
ولكني أحزن عليه كثيراً.. وعزائي له.. أن أقول له :
إذا كان جميع الناس اتبعوا المجاملة.. فليس من الضرورة أن تكون مثلهم..
أن الصدق هو الصورة الأولى و الكبرى و المثلى للحياة و للبشر و للأشياء..
ومن الخطأ والخطيئة أن نعتقد أو نتصور أن كل شئ لا يتنفس ولا يأتي إلآ عن طريق المجاملة..
والمشكلة الكبرى :
أن مشكلة البشر أنهم أبتعدوا ونسوا أن الوضوح والمكاشفة والصدق والكلمة الطيبة لا تنبت إلآ بين الضمائر الحية..
فيجب أن أحترم صدقي.. وصدّق أيها الإنسان :
أن المجاملة ليست وسيلة من وسائل العيش أو الكسب أو حب الناس..
بل رذيلة من الرضائل ولا تنجب غير أحتقار الآخرين منك..
فما المانع أن تكون صادقاً صريحاً تصل في ذلك إلى حالة من حالات النفس..
وتسمو بها إلى أرقى درجات الإنسانية وتبلغ بها غاية الكمال..
فالنفاق والمجاملة كذب.. والكذب فيه تضليل للعقول والأخلاق ليكون سيد الرذائل وشرورها..
فهو يأتي في أشكال كثيرة ومختلفة ويتمثل في عدة صور متنوعة..
مرة بصورة المجامل ومره بصورة المنافق.. ومره بغيره..
فهذا ما أراه.. وهذا ما أردت أن أصل إليه..